هل فعلا تشاهدون وجها فى السماء ؟؟


لماذا يرى الناس وجوه بشرية فى الطبيعة ، لماذا تترجم بقع النافذة على إنها أصابع بشرية ، لماذا يسمعون أصوات معينة فى أصوات عشوائية تم انشائها عن طريق اجهزة إلكترونية ، لماذا يجدون المؤامرات فى الأخبار اليومية ؟
السبب المباشر هو تأثير (the priming )

– الذى هو تأثير الذاكرة الضمنية التى تعرضت لمحفز ما فى السابق على الاستجابة لهذا المحفز فى وقت لاحق على سبيل المثال اذا تم عرض مجموعة من الصور عليك ثم عرضت عليك نفس الصور ولكنها ناقصة فذاكرتك الضمنية سوف تؤثر على استجاباتك للصور الناقصة بأن تتذكرها كاملة (المترجم) – على مخنا وحواسنا التى على استعداد لتفسير المحفزات طبقاً لنماذج متوقعة . العلماء المهتمين بالأطباق الطائرة يشاهدون وجه بشرى على المريخ ، المتدينيين يشاهدون مريم العذراء على جانب احد الأبنية ، الخارقون يسمعون بشر قد ماتوا يتحدثون إليهم عبر الراديو ، أصحاب نظرية المؤامرة يرون ان أحداث 11/9 كانت من تدبير عناصر فى إدارة بوش ، فى نهاية المطاف هل هناك سبب لماذا يعتقد الناس فى مثل هذة الأشياء الغريبة ؟؟
يوجد سبب ، انا أسمي هذة الظاهرة بـ (patternicity) اى الميل الى ايجاد أنماط ذات معنى فى ضوضاء لامعنى لها.
تقليدياً يتعامل العلماء مع الـ (patternicity) كالخطأ فى الإدراك . النوع الأول من الخطأ أو الإيجابى الزائف وهو الاعتقاد بان شىء ما حقيقى وهو ليس كذلك (ايجاد نمط غير موجود) . النوع الثانى من الخطأ أو السلبى الزائف وهو عدم الإيمان بأن شىء ما حقيقى وهو كذلك ( عدم تصديق وجود نمط باللرغم من وجوده ) .
فى كتابى (كيف نؤمن ؟ ) ، أقول بأن ادمغتنا هى محركات الإيمان : تطور النمط ( آلات التمييز) التى تربط بين النقاط وتخلق معنى من الأنماط التى نعتقد اننا نراها فى الطبيعة . أحياناً يكون اتصال (أ) بـ (ب) حقيقى وأحياناً لا يكون وعندما يكون ، نتعلم شيئا ذا قيمة حول الطبيعة ، من خلال توقعاتنا التى تساعدنا على البقاء والتكاثر.
نحن الأسلاف الأكثر نجاحاً فى إيجاد النمط وتسمى هذة العملية بـ (التعليم العلائقى) وهو أمر أساسى لسلوك جميع الحيوانات بداية من الدودة البسيطة وصولاً للإنسان العاقل .
للأسف نحن لم نُطور شبكة الكشف عن الهراء الموجودة فى المخ للتمييز بين الانماط الصحيحة والانماط الخاطئة . نحن لانملك مُنظم يكشف عن الخطأ ليتم تعديل النمط (مُحرك التمييز) . لكن هذا الإدراك الخاطىء على الأرجح لايخرجنا من حوض الجينات (اى لايقلل فرص بقائنا احياء) وبالتالى لن يتم انتخاب من لايرتكبون مثل هذا الخطأ الادراكى من قبل التطور .
الورقة التى تم نشرها فى سبتمبر بمجلة الأبحاث البيولوجة (Proceedings B ) وهى ” تطور الخرافة والسلوكيات شبه الخرافية ” لعالم البيولوجى بجامعة هارفارد “كيفن فوستر” وعالمة البيولوجى بجامعة هلسنكى “هانا كوكو” قاما بإختبار نظريتى من خلال تصميم او نموذج تطورى وقاما بشرح ان كلما كان تكلفة الاعتقاد بالنمط الكاذب أقل من تكلفة عدم الاعتقاد بالنمط الحقيقى ، فالانتخاب الطبيعى يفضل الـ ( patternicity ) – أى الاعتقاد الذى تكلفته أقل – .
على سبيل المثال ان الاعتقاد بأن حفيف الاعشاب هو حيوان مفترس بالرغم من انه مجرد رياح لا يكلف كثيرا فى حين ان الاعتقاد بان حفيف الاعشاب هو مجرد رياح بالرغم من انه حيوان مفترس قد يكلفك حياتك .
المشكلة هو اننا فقراء جداً فى تقدير مثل هذة الاحتمالات وبالتالى فإن تكلفة الاعتقاد بأن حفيف الاعشاب هو حيوان مفترس فى حين انه مجرد رياح ، منخفضة نسبيا مقارنة بالعكس ، وبالتالى كان هناك اختيار مفيد للاعتقاد بان كل الانماط حقيقية .
من خلال سلسلة من الصيغ المعقدة والتى تشمل محفزات اضافية ( الرياح فى الاشجار) وأحداث سابقة ( خبرة سابقة مع الحيوانات المفترسة والرياح ) توصل الباحثون ان ( عدم قدرة الافراد – البشر او خلاف ذلك – لتحديد الاحتمالات السببية لمجموعة من الاحداث التى تحدث من حولهم غالباً ماستدفعهم ليتقبلوا رغما عنهم علاقات سببية مع اخرى غير سببية . ومن هنا ، فالأساس المنطقى التطورى للخرافة واضح : حيث ان الانتخاب الطبيعى اختار الاستراتيجيات التى تنصنع العديد من العلاقات السببية الغير صحيحة والتى هى ضرورية من اجل البقاء والتكاثر .
وتأكيداً لنموذج الانتخاب الطبيعى لاحظ كل من فوستر وكوكو ان ( الحيوانات المفترسة فقط تجنبت الثعابين غير السامة التى تشبه الثعابين السامة فى المناطق التى تكون فيها الثعابين السامة أمر شائع ) .

المصدر : http://www.scientificamerican.com/article.cfm?id=patternicity-finding-meaningful-patterns
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2615824/
http://rspb.royalsocietypublishing.org/content/276/1654/31.full.pdf+html